تُعد السمنة واحدة من أكثر التحديات الصحية انتشارًا في السعودية، حيث تؤثر على صحة الملايين وتزيد من خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب، وبعض أنواع السرطان. ومع تزايد صعوبة التخلص من الوزن الزائد بالطرق التقليدية، أصبحت جراحة السمنة خيارًا فعّالًا لمن يعانون من السمنة المفرطة. لكن نجاح هذه الجراحة لا يعتمد فقط على العملية نفسها، بل يشمل أيضًا التحضير الجيد الذي يضمن تحقيق نتائج مستدامة.
ما هي جراحة السمنة؟
لفهم أهمية التحضير، يجب أولاً معرفة طبيعة جراحة السمنة. هذه الإجراءات الطبية تهدف إلى تقليل الوزن عن طريق تعديل الجهاز الهضمي، وتشمل الأنواع الشائعة ما يلي:
- جراحة تحويل مسار المعدة
يتم إنشاء جيب صغير في المعدة وتوصيله بالأمعاء الدقيقة، لتجاوز جزء كبير من المعدة وتقليل امتصاص الطعام. - عملية تكميم المعدة
تتضمن إزالة جزء كبير من المعدة، مما يترك معدة أصغر على شكل أنبوب. - حزام المعدة القابل للتعديل
يتم وضع حزام حول أعلى المعدة لتقليل كميّة الطعام التي يمكن تناولها.
عادةً، تتطلب الأهلية لهذه العمليات أن يكون مؤشر كتلة الجسم (BMI) 40 أو أكثر، أو 35 مع وجود مشاكل صحية مرتبطة بالسمنة. الجراحة تقدم فوائد مثل فقدان الوزن وتحسين الأمراض المصاحبة، لكنها تتطلب التزامًا مدى الحياة بتغييرات في نمط الحياة.
التحضير الذهني لجراحة السمنة
1. التقييم النفسي والمشورة
تتطلب معظم البرامج إجراء فحوصات نفسية للتأكد من جاهزية المريض نفسيًا، خاصةً فيما يتعلق باضطرابات الأكل أو أي مشاكل عقلية أخرى. يمكن للاستشارة النفسية المسبقة أن تساعد في معالجة القلق أو الاكتئاب، وتزويد المرضى بآليات للتأقلم مع التغيرات المستقبلية.
2. وضع توقعات واقعية
من الضروري أن يدرك المرضى أن الجراحة ليست حلًا سحريًا. على الرغم من أنها تسهم في فقدان الوزن، إلا أن النتائج تعتمد على الالتزام بالتعليمات بعد العملية. يساعد ذلك على تجنب خيبة الأمل وتعزيز الإيجابية.
3. بناء نظام دعم قوي
وجود دعم من الأسرة والأصدقاء والمتخصصين أمر لا غنى عنه. يمكن للمريض الانضمام إلى مجموعات الدعم، سواء عبر الإنترنت أو بشكل شخصي، لتبادل التجارب والنصائح مع آخرين مروا بنفس التجربة.
التحضير البدني لجراحة السمنة
يعد التحضير البدني خطوة أساسية لضمان إجراء العملية بنجاح وسرعة التعافي. تشمل هذه الخطوة عدة جوانب رئيسية:
1. التغييرات الغذائية والاستشارات المتخصصة
قبل الجراحة، يُنصح المرضى باتباع نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية والكربوهيدرات لمدة تتراوح من 2 إلى 4 أسابيع. يساعد هذا النظام على تقليل حجم الكبد وتقليل المخاطر الجراحية. العمل مع اختصاصي تغذية متخصص في عيادة الدكتور رامي باسردة في الرياض يضمن حصول المرضى على الإرشادات اللازمة حول التغذية المناسبة قبل وبعد الجراحة. يُنصح المرضى بالتركيز على تناول وجبات صغيرة، ببطء، واختيار الأطعمة الغنية بالمغذيات.
2. ممارسة التمارين والنشاط البدني
إدخال النشاط البدني إلى الروتين اليومي يعزز اللياقة العامة ويهيئ الجسم للعملية. يمكن للمرضى البدء بتمارين خفيفة مثل المشي أو السباحة أو ركوب الدراجات. الهدف هو تحسين صحة القلب والأوعية الدموية وزيادة قدرة الجسم على التعافي بعد العملية.
3. التقييمات الطبية اللازمة
يشمل التحضير إجراء فحوصات طبية شاملة مثل اختبارات الدم، تقييم صحة القلب، وتنظير الجهاز الهضمي. هذه الاختبارات تهدف إلى تقييم الحالة الصحية العامة ومعالجة أي مشكلات صحية قد تؤثر على الجراحة أو التعافي.
تعديلات نمط الحياة
التحضير لجراحة السمنة يتطلب تغييرات مستدامة في نمط الحياة لضمان نجاح طويل الأمد.
1. الإقلاع عن التدخين
الإقلاع عن التدخين يقلل من مخاطر الجراحة ويحسن التئام الجروح بعد العملية. يُنصح المرضى بالتعاون مع خبراء لمساعدتهم في وضع خطة للإقلاع عن التدخين باستخدام بدائل النيكوتين أو تقنيات أخرى.
2. الحد من استهلاك الكحول
يجب تقليل أو تجنب استهلاك الكحول حيث يؤثر سلبًا على فقدان الوزن، ويسبب نقصًا في المغذيات، ويزيد من مخاطر الإدمان بعد الجراحة. يمكن أن يحتاج المرضى إلى دعم متخصص للتعامل مع هذا التغيير.
3. إدارة التوتر
تعلم تقنيات مثل التأمل، تمارين التنفس العميق، أو اليوغا يساعد في تقليل التوتر. إدارة الضغوط النفسية أمر مهم لتجنب الأكل العاطفي وضمان الحفاظ على النتائج الإيجابية بعد الجراحة.
الخطوات النهائية قبل الجراحة
1. الالتزام بنظام غذائي ما قبل الجراحة
يطلب الجراحون عادةً من المرضى فقدان وزن معين لتقليل المخاطر. يتم ذلك عبر الالتزام بنظام غذائي سائل أو منخفض السعرات الحرارية. هذا التحضير يهيئ الجسم للعملية ويقلل من الدهون حول الكبد.
2. تعديل الأدوية
قد يُطلب من المرضى إيقاف أو تعديل أدوية معينة مثل مميعات الدم أو أدوية السكري. يتم ذلك بالتنسيق مع الفريق الطبي لضمان الاستعداد الأمثل للجراحة.
3. الاستعداد لفترة ما بعد الجراحة
يشمل ذلك تنظيم النقل من وإلى المستشفى، تجهيز مكان التعافي في المنزل، وتوفير الأطعمة المناسبة لفترة ما بعد العملية. هذه التحضيرات تضمن عملية تعافٍ مريحة وفعالة.
التحضير لجراحة السمنة ليس مجرد خطوة سابقة للعملية، بل هو أساس نجاح الرحلة الصحية بأكملها. من خلال التزام المرضى بالتغييرات الغذائية والبدنية والنفسية قبل الجراحة، يمكنهم تحسين فرصهم في تحقيق نتائج دائمة وتحسين جودة حياتهم.