يعتبر فقدان الوزن أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر بشكل إيجابي على الصحة العامة، وقد أثبتت الأبحاث أن السمنة والاكتئاب مرتبطان بشكل معقد، مما يجعل معالجة هذه الحالات أمرًا بالغ الأهمية. في هذا السياق، يتحدث الدكتور رامي باسردة، الجراح المتخصص في جراحة المناظير وجراحة السمنة في عيادة الدكتور رامي باسردة بمدينة الرياض، عن العلاقة المتبادلة بين السمنة والصحة النفسية، مشيرًا إلى أن معالجة هذه القضايا تتطلب فهمًا شاملاً وتأثيرًا متوازنًا بين الجوانب الجسدية والنفسية.
1. السمنة والاكتئاب: علاقة ذات اتجاهين
يقول الدكتور رامي باسردة إن السمنة والاكتئاب يشكلان تحديًا كبيرًا في العلاج بسبب ارتباطهما الوثيق، حيث أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة يكونون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب، بينما يمكن أن يؤدي الاكتئاب أيضًا إلى زيادة الوزن. في دراسة تحليلية نشرتها مجلة الجمعية الطبية الأمريكية على 58000 مريض، وجد أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة لديهم فرصة أكبر بنسبة 55% للإصابة بالاكتئاب مقارنة بالأشخاص ذوي الوزن الطبيعي. كما أن المرضى الذين يعانون من الاكتئاب معرضون بشكل مماثل لخطر الإصابة بالسمنة.
2. تأثير أدوية تعديل المزاج على زيادة الوزن
تعد أدوية تعديل المزاج جزءًا من علاج العديد من الاضطرابات النفسية، ولكن للأسف، فإن هذه الأدوية قد تؤدي إلى زيادة الوزن أيضًا. على سبيل المثال، في السعودية وحول العالم، يتناول العديد من الأشخاص مضادات الاكتئاب، حيث أظهرت الدراسات أن حوالي 11% من المرضى الذين يتناولون هذه الأدوية يزيد وزنهم بنسبة 5% أو أكثر خلال عام، مقارنة بـ 8% من أولئك الذين لا يتناولونها. وتلعب الأدوية مثل مضادات الذهان دورًا كبيرًا في زيادة الوزن، حيث يمكن أن يتسبب أولانزابين في زيادة وزن المرضى بمقدار 6.1 كجم بعد أربع سنوات من الاستخدام، كما تشير التقارير.
3. مرضى الاضطرابات النفسية الحادة
كان يُعتقد في الماضي أن المرضى الذين يعانون من حالات صحية نفسية خطيرة مثل الاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب والفصام غير مؤهلين للخضوع لجراحة السمنة. ومع ذلك، يؤكد الدكتور رامي باسردة أن هذه الحالات قد تستفيد من جراحة السمنة في بعض الحالات، رغم الحاجة للمراقبة الدقيقة. أظهرت الدراسات أن الجراحة يمكن أن تساعد في تقليل الاكتئاب بنسبة تتراوح بين 8% و74%، مما يفتح المجال أمام هذه الفئة للحصول على فوائد صحية إضافية.
4. دور ما بعد الجراحة: الحفاظ على فقدان الوزن
تعتبر مرحلة ما بعد الجراحة أمرًا بالغ الأهمية لضمان استمرارية فقدان الوزن والحفاظ على النتائج. تقول خبيرة الصحة النفسية في عيادة الدكتور رامي باسردة، إنه لا توجد حلول سريعة لفقدان الوزن، حتى بعد الجراحة. وتؤكد أن نجاح فقدان الوزن يعتمد بشكل كبير على اتباع نهج عقل وجسد، حيث يتم استخدام تقنيات متخصصة مثل إزالة حساسية حركة العين وإعادة المعالجة (EMDR) والعلاج المعرفي لتحفيز التغيير الدائم في العادات الغذائية والنفسية.
5. أهمية تغيير الروتين اليومي
إن تغيير الروتين اليومي له دور كبير في التحكم في الرغبات الشديدة وحماية المريض من العودة إلى العادات الغذائية القديمة. ينصح الدكتور بتحديد مواعيد مختلفة للطعام وتغيير الأماكن التي يتم تناول الطعام فيها، كما تشير إلى أهمية تمرين التنفس العميق كأداة فعالة للتعامل مع التوتر والرغبات الغذائية غير المرغوب فيها.
يسعى الدكتور رامي باسردة وفريقه الطبي في الرياض إلى مساعدة المرضى على التغلب على تحديات السمنة والاكتئاب من خلال نهج شامل يعالج الجوانب الجسدية والنفسية لهذه الحالات. إذ يتبين أن فقدان الوزن لا يؤثر فقط على الجسم بل يساعد أيضًا في تحسين الصحة النفسية والعقلية، مما يساهم في تحسين جودة الحياة بشكل عام.