تُجرى جراحة استئصال المرارة غالبًا لعلاج حصوات المرارة المؤلمة، ومع ذلك يعاني بعض المرضى من ألم في الجانب الأيمن بعد استئصال المرارة حتى بعد مرور سنة أو سنتين على العملية. هذا الألم يربك المرضى والأطباء أحيانًا، ويتطلب فحصًا دقيقًا لفهم أسبابه ووضع خطة علاجية مناسبة. سنستعرض الأسباب المحتملة لهذا الألم، كيف يُقيّم الأطباء الحالة، وما هي الخيارات المتاحة للتخفيف والتحسين.
لماذا يستمر الألم بعد استئصال المرارة؟
رغم إزالة المرارة جراحيًا، قد يشعر بعض الأشخاص بانزعاج أو ألم في منطقة البطن اليمنى العليا لسنوات. تُعرف هذه الحالة باسم متلازمة ما بعد استئصال المرارة (Post-Cholecystectomy Syndrome – PCS)، وتتنوع أسبابها بين مشاكل متعلقة بالقنوات الصفراوية نفسها، وبين اضطرابات وظيفية أو التهابات أو حتى أسباب غير صفراوية في الجهاز الهضمي. من المهم عدم تجاهل هذا الألم واللجوء إلى تقييم طبي شامل لتحديد السبب بدقة وتلقي العلاج المناسب.
في عيادة الدكتور رامي باسردة في الرياض، المملكة العربية السعودية، نقوم بإجراء تقييمات شاملة للمرضى الذين يعانون ألم في الجانب الأيمن بعد استئصال المرارة، بما في ذلك الفحص السريري، تصوير الأشعة، وتحاليل مخبرية، بالإضافة إلى التنظير الهضمي حين يستدعي الأمر للوصول إلى تشخيص دقيق ووضع خطة علاج فردية.
التشريح وسبب الألم
المرارة عضو صغير يقع تحت الكبد، ووظيفته الرئيسية تخزين العصارة الصفراوية وتركيزها ثم إفرازها إلى الأمعاء الدقيقة عند الحاجة لهضم الدهون. بعد استئصال المرارة، يظل الكبد يُنتج العصارة الصفراوية لكنها تتدفق إلى الأمعاء باستمرار وبدون تخزين أو تركيز، وهذا التغير في ديناميكية الصفراء قد يساهم أحيانًا بأعراض هضمية وعدم راحة.
هل من الطبيعي الشعور بألم في الجانب الأيمن بعد استئصال المرارة؟
ليس طبيعيًا بالمعنى المطلَق، لكنّه يحدث لدى شريحة من المرضى. متلازمة ما بعد استئصال المرارة (PCS) قد تظهر بأعراض متباينة مثل ألم بطني، انتفاخ، عسر هضم، أو إسهال. أسباب الألم الطويل الأمد قد تشمل:
- حصوات متبقية أو حصوات سابقة في القناة الصفراوية تُسبب انسدادًا متقطعًا أو التهابات.
- إصابة القنوات الصفراوية أثناء العملية جراحية أدت إلى تسرب صفراوي أو تضيق لاحقًا.
- خلل وظيفة العضلة العاصرة لأودي (Sphincter of Oddi dysfunction) الذي يتحكّم بمجرى الصفراء والبنكرياس وقد يؤدي إلى ألم متكرر.
- التصاقات بعد الجراحة — تشكل نسيج ندبي يربط الأعضاء ببعضها وقد يسبب ألمًا ميكانيكيًا.
- اضطرابات وظيفية في الجهاز الهضمي مثل متلازمة القولون العصبي أو ارتجاع المعدة التي قد تتظاهر بألم في الجانب الأيمن.
- أمراض أخرى في البطن (قرحة، التهاب البنكرياس، أمراض كلوية أو معوية) قد تُشعِر المريض بألم يُسجَّل في الجهة اليمنى.
- تأثيرات نفسية: الألم المزمن قد يؤثر في المزاج والنوم ويزيد الإحساس بالانزعاج.
المشاكل والمضاعفات المحتملة
| المضاعفة المحتملة | شرح مبسّط | 
|---|---|
| حصوات متبقية بالقناة الصفراوية | بقايا حصوات المرارة تسبب انسدادًا، نوبات ألم وقيء واحتقان صفراوي. | 
| إصابات القنوات الصفراوية | تسرب صفراوي أو انسداد قد يؤديان إلى التهاب وألم في أعلى يمين البطن. | 
| خلل العضلة العاصرة لأودي | اضطراب وظيفي يسبب ألمًا متكررًا واضطرابًا في خروج الصفراء والبنكرياس. | 
| التصاقات ما بعد العملية | نسيج ندبي يسبب سحبًا أو ضغطًا على الأعضاء، مؤدياً إلى ألم مزمن متقطع. | 
| اضطرابات وظيفية هضمية | حالات مثل القولون العصبي أو فرط حساسية الأمعاء تزيد من الأعراض الهضمية. | 
| مضاعفات الإجراءات العلاجية | تدخلات علاجية أو تنظيرية قد تحمل مخاطر نزف أو عدوى أو تفاقم للأعراض إن لم تنجح بشكل كامل. | 
كيف يُقيّم الطبيب سبب الألم؟
التشخيص يبدأ بتقييم سريري مفصل وسجل طبي، يليه اختبارات مكمّلة مناسبة مثل:
- تحاليل دم للتأكد من علامات الالتهاب ووظائف الكبد والقنوات الصفراوية.
- تصوير بالموجات فوق الصوتية (US) للبحث عن حصوات متبقية أو توسع القنوات الصفراوية.
- تصوير مقطعي أو رنين مغناطيسي للحوض والبطن عند الحاجة.
- اختبار وتنظير القنوات الصفراوية (ERCP) أو تصوير القنوات الصفراوية بالرنين (MRCP) لتشخيص انسداد أو حصوات صغيرة.
- اختبارات وظيفية لتقييم عضلة العاصرة لأودي إذا اشتبه الطاقم المعالج بخلل وظيفي.
- تنظير علوي أو سفلي لاستبعاد أمراض المعدة أو الأمعاء الأخرى.
متى يجب عليك طلب المساعدة الطبية؟
اطلب الاستشارة الطبية فورًا إذا ظهرت أي من العلامات التالية بعد استئصال المرارة أو في حال استمرار الألم:
- ألم شديد مستمر أو متكرر في الجانب الأيمن لا يزول بالاستراحة أو المسكنات البسيطة.
- حمى أو قشعريرة تدل على وجود عدوى.
- اصفرار الجلد أو العينين (يرقان) قد يشير إلى انسداد في القناة الصفراوية.
- غثيان وقيء متكرر أو فقدان وزن غير مبرر.
- إفراز أو احمرار أو تورد في موقع الشق الجراحي.
- أي عرض جديد أو تفاقم في الأعراض المزمنة.
في مثل هذه الحالات، التقييم المبكر يقلّل خطر تطور مضاعفات ويزيد فرص إيجاد علاج فعال.
خيارات العلاج وإدارة الأعراض
يعتمد الخيار العلاجي على السبب. أمثلة على تدابير قد يقترحها الطبيب أو الفريق المعالج:
- تعديل نمط الحياة والغذاء: الحفاظ على وزن صحي، تجنّب الأطعمة الدسمة والمحفّزة لحدوث عسر هضم، تقسيم الوجبات إلى حصص صغيرة متكررة للتخفيف من العبء على الجهاز الهضمي.
- العلاج التأهيلي: تمارين تقوية العضلات المحيطة بالبطن وتحسين المرونة قد تُخفف الألم المرتبط بالتصاقات أو ضعف العضلات.
- الأدوية: مضادات التشنج، محسنات حركة الأمعاء، أو أدوية خاصة لتحسين تدفق الصفراء بحسب التشخيص. في حالات التهاب القناة الصفراوية أو العدوى قد تُستخدم المضادات الحيوية.
- الإجراءات التنظيرية: إذا وُجدت حصوات في القناة الصفراوية أو تضيقًا، قد يلزم إجراء ERCP لإزالتها أو علاج التضيق.
- جراحة تصحيحية: نادرة، لكنها قد تكون ضرورية عند وجود مضاعفات ميكانيكية مثل انسداد حاد أو إصابة كبيرة في القناة الصفراوية.
- علاجات داعمة ومتكاملة: بعض المرضى يجدون فوائد مساعدة من العلاج الطبيعي، الوخز بالإبر، أو استشارات التغذية والسلوكية، لكن ينبغي دائمًا مناقشة هذه الخيارات مع طبيبك.
- مكافحة الألم وإدارته: في حالات الألم المزمن، قد يوضع برنامج متكامل لإدارة الألم يتضمن دواءً مناسبًا وتقنيات سلوكية وأنشطة تحسين نوعية الحياة.
ملحوظة مهمة: في بعض الحالات قد يُنصح بتجربة أدوية تحسّن توازن الصفراء أو تعديل النظام الغذائي تحت إشراف طبي، لكن لا يُنصح بالعلاج الذاتي أو استهلاك مكملات دون استشارة طبية.
نصائح عملية للمريض
- دوّن ملاحظات عن نوعية الألم، توقيته، ما الذي يفاقمه أو يخففه، والأطعمة التي تسبّب أعراضًا. هذا يسهل على الطبيب التشخيص.
- التزم بمواعيد المتابعة والفحوصات الموصى بها.
- اطلب إحالة لأخصائي الجهاز الهضمي أو جراح مناظير إذا استمرت الأعراض أو تفاقمت.
- لا تتأخر في مراجعة الطبيب عند ظهور علامات الالتهاب أو اليرقان أو القيء المستمر.
إذا كنت تشعر بـألم في الجانب الأيمن بعد استئصال المرارة حتى بعد مرور عامين على العملية، فلا تتجاهل هذا العرض. قد يكون الألم عرضًا لعدة أسباب تختلف في شدتها؛ بعضها بسيطٌ ويُعالَج بالتغييرات الغذائية أو الدوائية، وبعضها يتطلب تدخلات طبية أو تنظيرية متخصصة. الفحص السريري الدقيق والتحاليل والتصوير المناسبان هما مفتاح الوصول إلى التشخيص الصحيح والعلاج الفعّال.
لمزيد من التقييم المتخصص ووضع خطة علاجية مخصّصة، يمكنك حجز موعد في عيادة الدكتور رامي باسردة في الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية. سيقوم الفريق بإجراء الفحوصات اللازمة ووضع خيارات علاجية مناسبة لحالتك لتحسين جودة حياتك وتخفيف الأعراض بأمان.
أسئلة شائعة
كيف تؤثر جراحة استئصال المرارة على الهضم؟
بعد الاستئصال قد يصبح هضم الدهون أقل كفاءة مؤقتًا، ما يؤدي لبعض الأشخاص إلى انتفاخ أو إسهال بعد الوجبات الدسمة. تعديل النظام الغذائي وتقسيم الوجبات يساعدان في التخفيف.
هل يمكن الوقاية من ألم الجانب الأيمن بعد الاستئصال؟
اتباع تعليمات الطبيب بعد الجراحة، الحفاظ على وزن صحي، تجنّب المأكولات المثيرة لعسر الهضم، والالتزام بفحوصات المتابعة قد يُقلّل من احتمال حدوث أعراض مزعجة لاحقًا.
 
								